بقلم: (أحمد رضي).
كانت لي سابق معرفة بالمرحوم الشيخ عبد الأمير الجمري (رحمه الله) عندما كان يخطب في بعض مواسم عاشوراء بمأتم أنصار الحسين (ع) بالبلاد القديم ومأتم بن سلوم بالمنامة، فقد وجدته ككتاب مفتوح ولسان صادق يحكي سنن الأمم السابقة ويستعرض منها الدروس الاجتماعية والعبر التاريخية، كلماته تفيض حماسة وقصائده مليئة بالحب والعشق لأهل البيت (ع).
ومثل بقية الشباب حينذاك المتطلع للغد والمتوثب حماساً وجدنا في سيرة الشيخ (آبا جميل) ملاذنا الروحي ومستودع أسرارنا.. فكان رحمه الله بمثابة الأب الحنون يهتم بمحاورة الشباب وحل مشاكلهم مباشرة أو من خلال المنبر الحسيني. كما أن النشاط الإعلامي جعلني قريبا من الجمري بحكم دوره الاسلامي والوطني الرائد، وفي بعض المحطات كشباب اختلفنا مع (أصحاب المبادرة ومعارضة الشتات) بشأن منهجية التعاطي مع النظام والتصويت العاجل على مشروع الميثاق الوطني.
يبقى للشيخ الجمري رحمه الله والمعتقل ظلما الشيخ علي سلمان حضور كبير في قلوبنا وذاكرتنا.. فبحكم الحراك الشبابي المستقل في قرية السنابس والبلاد القديم وغيرها (قبل عام 2000) كان النشاط مفتوحاً ومنظماً بشكل عفوي يحرك طاقات الشباب بدون قيود رسمية أو حزبية. فكنّا نتجمع بمأتم الإمام الصادق (ع) بقرية بني جمرة أو بمأتم أنصار الحسين (ع) بالبلاد القديم للاستماع لخطب الشيخ عبدالأمير الجمري رحمه الله، ونصلي الفجر بالبلاد القديم أو بقرية الدراز مع الشيخ علي سلمان.
وكشباب كنّا (قبل عام ٢٠٠٠) نقوم بتنظيم الاحتفالات الإسلامية والفعاليات الوطنية بالتعاون مع إدارات المآتم.. وكانت لنا تجربة جميلة متميزة في بعض الاحتفالات الشعبية عبر التواصل مع قيادات لبنانية وفلسطينية بهدف مشاركتها الصوتية في الاحتفالات.
وبعدها جاءت انتفاضة التسعينات بذكريات لا تنسى، تبقى محفورة في القلب والعقل والروح.. وتبقى عذابات هذا الوطن السليب مستمرة حتى تتحقق مطالب الشعب بالحرية والعدل والحياة الكريمة.
الجمري... مواطن... طالب علم... رجل دين... قاض... نائب برلماني... معتقل رأي... إقامة جبرية... عاش أدوارا اجتماعية عديدة وتجارب سياسية ووطنية مريرة حتى انتقل لرحمة الله تعالى.
خالص التعازي لعائلة آبا جميل رحمه الله، ورحم الله الفقيد السعيد، ورحم الله من قرأ الفاتحة لروحه الطاهرة.