بقلم- أحمد رضي:
هذه الإزدواجية لدى النظام البحريني تعبر عن مأزق أخلاقي وأزمة نفسية حقيقية تجعله يستنفر كل طاقاته وجيوشه وأمواله بهدف مسخ الهوية الوطنية لشعب مسلم مسالم وتغييرها إلى شعب متنوع الأعراق والجنسيات وغير متجانس بعاداته وتقاليده مع الشعب الأصيل، وأعتقد أن الدكتور اللبناني الراحل فؤاد إسحاق الخوري قد أشار لهذه الإشكالية بتفصيل في كتابه الأكاديمي (القبيلة والدولة في البحرين)، وكما كشفه أيضاً سعيد الشهابي في كتابه القيم (البحرين: قراءة في الوثائق البريطانية).
ولعل من المفيد التذكير بــ "تقرير البندر" الذي سُرّب في العام 2006، والذي كشف حينها عن "شبكة سرّية" برئاسة أحمد بن عطية آل خليفة، أحد أفراد العائلة الحاكمة. التقرير تناول من بين جملة الأهداف المستقبلية "التغيير الديمغرافي للحصول على أكثرية موالية للسلطة". وهو مؤشر واضح على حملة التجنيس الغير قانوني المتزامن مع إسقاط الجنسية عن مواطنين وإبعادهم عن الوطن.
وحتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة بعدد المجنسين في البحرين، فيما تعلن المعارضة أرقام تقديرية.. فحسب "جمعية الوفاق" تفيد بأن السلطات البحرينية جنسّت أكثر من 95000 شخص بين الأعوام 2004 – 2014، والرقم قد يصل إلى 120000 مجنّس في حين كان يبلغ عدد سكان البحرين في العام 2004، نحو 465000 نسمة.
أما مَن أسقطت عنهم الجنسية منذ عام ٢٠١٢ وحتى الآن يبلغون ٤٣٤ مواطن تقريبا، وتتسع المعاناة لتشمل من تم ترحيلهم مع عوائلهم مما تسبب بمأساة إنسانية متواصلة.
من حق أية دولة تجنيس أي إنسان وفق شروط استحقاق دقيقة، ولكن ما يجري في البحرين للآسف يعتبر توظيف سياسي لحق مشروع ويتجاوز الحدود الأخلاقية والقانونية وينتهك أبسط معايير حقوق الإنسان.
هذه الأزمة الخطيرة قد تتحول لصراع داخلي وتنفجر في أية لحظة ضد السلطة الحاكمة حين تعجز عن السيطرة على الطوائف والأعراق المتنوعة، وتتفاقم أكثر مع معاناة معيشية/اقتصادية وحقوقية يعاني منها المواطن البحريني الأصلي (الشيعة والسنة) وتحمل أبعاد طائفية ومذهبية قد تتحول لنقمة غضب جديدة ضد السلطة الحاكمة.
ولعل من الحكمة أن تستمع السلطة الحاكمة للتوصيات الحقوقية للجمعيات السياسية والمنظمات الدولية، ويتم تقييم جميع حالات التجنيس الغير قانونية، وإرجاع الجنسية للمواطنين ممن سحبت جنسياتهم لأسباب سياسية.