كتاب "هروبي إلى الحرية: أوراق السجن (1983-1988)" للمرحوم علي عزت بيجوفيتش (أو بيغوفيتش)، وهو ناشط سياسي وفيلسوف ومفكر إسلامي بوسني (1925-2003)، ورئيس لجمهورية البوسنة والهرسك المستقلة (1992-1996).
والكتاب يعتبر وجبة دسمة من الأفكار والفلسفة والثقافة والعلوم وعلم النفس الاجتماعي، ونقد مباشر للعصبية الحزبية والأنظمة القمعية خصوصا النظام الشيوعي والنازي، والخواطر أغلبها مقاطع قصيرة امتازت بالعمق والوضوح والرمزية أحيانا، ويمثل خلاصة فكره الإسلامي وحسه الإنساني الراقي. وتبدو الهوية الإسلامية لبيجوفيتش واضحة جدا عبر دفاعه عن المسلمين البوشناق وبقية العرقيات في البوسنة والهرسك.
ويبدو واضحا إلمام بيجوفيتش بالثقافة الغربية وإطلاعه على الفلسفة والتاريخ والأدب والفنون والمسرح والسينما، بل وحتى معرفته بالكتب السماوية المقدسة كالأنجيل والتوارة.. وهي نتاج قراءات مكثفة وتجارب حياة وتأملات شكلت رؤيته الخاصة.
كان بيجوفيتش يستقرأ المستقبل القادم عبر مراجعة جذرية للأفكار والمعتقدات، وبعد التجارب الكارثية لأنظمة الحكم الشيوعية في شرق أوروبا.. وتحققت هذه الإشارات عام 1988 بسقوط جدار برلين والإطاحة بهونيكر وشاوشيسكو وسقوط الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا.. كان الزمن يتحرك بسرعة والعالم يتشكل بخارطة جديدة.
وضم الكتاب أيضا فصل خاص لكتابه السابق "الإسلام بين الشرق والغرب" احتوى ملاحظات هامة، والذي يعد واحدا من أهم كتب الفلسفة والفكر الإسلامي الرصين في القرن العشرين.
وفي خاتمة الكتاب عرض بيجوفيتش رسائل وصلت إليه من أولاده أثناء سجنه، وعكست الرسائل صورة دقيقة عن الزمن والظروف والأفكار والجو العام لعائلة سجين سياسي.
وللمرحوم بيجوفيتش كتب عديدة مهمة وأهمها: كتابه الموسوعي الموجه للعالم الغربي (الإسلام بين الشرق والغرب) الذي أنصح بقراءته قبل كتاب "هروبي إلى الحرية"، وله أيضا: "عوائق النهضة الإسلامية"، وكتاب "الأقليات الإسلامية في الدول الشيوعية"، بالإضافة لكتاب الإعلان الإسلامي.