1 يناير 2008
بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
1/1/2008م
في أحد أيام الاعتقال السياسي
(خلال انتفاضة 1995) أتذكر كيف دلف المحقق الجلاد بعد أداء عمله، ليخلع ما يخفيّه
تحت ملابسه من أسلحة غير ظاهرة.. فكان يخفي سلاحه الناري تحت أبطيّه وآخر معلق
بإحدى ركبتيه، فتساءلت في نفسي: بأيّ حق اكتسبه هذا المرتزق ليحمل السلاح ليهدد به
حياة المواطنين الأبرياء، ويقتل باسم القانون كل مواطن يجهر برأيه المخالف أو معارض
للنظام السياسي. وبالطبع لم يدوم استغرابي طويلاً لأن هذا التصرف وما يتبعه من
عمليات قتل وتعذيب والاستهانة بحياة الناس وكرامتهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية
أصبح سمة مميزة للنظام الخليفي الحاكم في البحرين، والذي يرأسها رئيس الوزراء خليفة
بن سلمان آل خليفة وهو المسئول الأول عن عمليات القتل والتعذيب والعقاب الجماعي
بسبب سياسة حكومته المستبدة ظلماً وفساداً في الأرض.
· تجاهل المطالب الشعبية المشروعة
!!
ما ذكرته أعلاه من
مقدمة أولية كان لا بد منها، لتوضيح الرأي حول الحقوق المشروعة للقرى الشعبية
المهضومة سياسياً واقتصادياً في مملكة البحرين، ومن أجل سماع صوتها وراء ألسنة
النار المشتعلة والغازات المسيلة للدموع وطلقات الرصاص الغادر من قبل قوات مكافحة
الشغب التي تطوق القرى البحرانية من حين لآخر. مع ما تملكه المعالجة الأمنية
القاصرة من ردود فعل انتقامية تطال جميع الناس، ومن سوء فهم وتقصير النظام الحاكم
في فهم الرسالة التي يبثها الشباب الغاضب بلغة الشوارع القاصرة حيناً والمستعرة
بنار الحقد والغضب على السلطة الرسمية وممثليها في مجلس النواب والمؤسسات الأهلية
والدينية معاً.
ولا عجب أن تظهر أصوات من الوسط الاجتماعي أو
الديني تطالب المواطن الغاضب بالسكوت والصبر وتذكره بنعم العالم الآخر، وقد تبالغ
أحياناً بنقد أعمال الشغب بدون النظر في مسببات اشتعال النار، وفي نفس الوقت لا
تملك الشجاعة لقيادة الجماهير الغاضبة نحو ساحة الآمان لتحقيق مطالبه الشرعية
العادلة في الحياة الكريمة التي يستحقها هذا الشعب بكل جدارة وامتياز بعد فشل
المراحل السياسية السابقة. فكيف نطالب الناس بالسكوت وهي تعاني سنين طويلة من سياسة
الحصار الإعلامي ومصادرة آرائها أو تحريف أفكارها عبر وسائل الإعلام الرسمي ؟! وكيف
نطالب الناس بعدم التظاهر السلمي وكتمان الألم والغضب وعدم الصراخ بأعلى أصواتنا..
وهي تعاني الفقر والجوع وتشكو من البطالة والتجنيس السياسي والفساد المنظم ؟! وكيف
نطالب الناس بعدم التظاهر السلمي أو الاحتجاج بعدم وجود مسوغات شرعية لتبرير أفعال
المعارضة، في حين أننا لا نرى مسوغاً أخلاقياً أو دينياً أو قانونياً يبرر قيام
عائلة آل خليفة بسرقة الأرض والبر والبحر !! لذلك فالمواطن البحراني بطبعه المسالم
لا يحب العنف ويبغض الكراهية، ولكن الجريمة الكبرى تتمثل في أن النظام السياسي
الحاكم زرع في قلب كل مواطن بركان غضب سينفجر حتماً، وزرع في كل بيت معاناة لن
تنتهي ألا بزوال أسبابها !!
· ما هي رسالة الشباب البحراني
؟!
نتيجة للتعامل الأمني مع قضايا الشباب آبان فترة الانتفاضة الشعبية نتج عنه
واقع سلبي لا زلنا نعاني من آثاره في نفوس الناشئة والشباب الذين كانوا بمثابة وقود
للانتفاضة الشعبية والثورة على الظلم والطغيان، ولعل أبرز ملامح هذا التعامل الأمني
السلبي تمثلت في محاربة الشباب بسبب انتماءاتهم الدينية والسياسية، أو طرد وإيقاف
الطلبة النشطين عن الدراسة الجامعية في منتصف التسعينات، أو محاربة العوائل بسبب
النشاط الحركي لأبناءها وبناتها، أو منع توظيف العاطلين في الوزارات الحكومية
لأسباب طائفية وغيرها.
فهؤلاء الشباب (الجيل القادم) بحاجة لأن نسمع
شكواهم، وننصت لمطالبهم، ونعمل على ضمان مستقبلهم ونحافظ على هويتهم الإسلامية وسط
عالم يعيش الغربة والضياع. ولأنهم ببساطة أصبحوا قلة غريبة وسط كثرة مستوطنة تنعم
بخيرات الوطن وثرواته الضائعة. هؤلاء الشباب هم أخوتنا وأصدقائنا من الواجب تصحيح
أخطاءهم برفق ومحبة لا بغلظة وكراهية وعنف، فمن السهل الحوار معهم لأنهم معنا في كل
بيت وفي كل زاوية بالقرية والمدينة.. ولسان حالهم -بكل صراحة- أننا قد نختلف جميعاً
في تحقيق الهدف لاختلاف الوسائل أو فشل بعضها، وقد نعجز في الوصول للغاية المرجوة
من التحرك الشعبي، ولكننا لن نيأس من المطالبة بحقوقنا وحرياتنا، ونرفض سياسة
العطايا والمكارم الملكية.
http://www.alsanabis.com/article.php?newsID=3253